عقدت أمس مجموعة بيت الحكمة للثقافة ومركز التحرير للدراسات والبحوث ندوة بعنوان "سد النهضة وحقوق مصر المائية.. مآلات ودلالات"، وقدم المتحدثون قراءة للسياق التاريخي لحق مصر في نهر النيل في ظل معطيات الواقع السياسي والدبلوماسي الذي تتمحور حوله أزمة سد النهضة الإثيوبي، من خلال عرض التحديات والفرص التي ينبغي الوقوف عليها ودراستها والاصطفاف خلف الإرادة السياسية والشعبية التي توكد عدم المساس بأمن مصر المائي، وأدار فعاليات الندوة الأستاذ عماد الأزرق، مدير مركز التحرير للدراسات والبحوث. كما أهدى الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة درع تكريم للدكتور محمد فايز فرحات لما قدمه في المجال البحثي في العلوم السياسية كرئيس لوحدة العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ورئيس تحرير سلسلة "كراسات استراتيجية"، التي يصدرها مركز الأهرام كما عمل مديرا عاما لمؤسسة الأهرام لمدة ثلاث سنوات، إلى أن عين مديرا لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. كما شهدت الندوة توزيع جوائز مسابقة "حق مصر في ماء النيل لطلبة اللغة الصينية في مصر"، التي أطلقتها بيت الحكمة وقدم فيها دارسو اللغة الصينية في مصر، مقاطع فيديو يتحدثون فيها باللغة الصينية، تضم المعلومات الأساسية والحقائق التاريخية والجغرافية حول حق مصر في نهر النيل، وذلك على خلفية أزمة سد النهضة في الآونة الأخيرة، وفي كلمته أكد الدكتور أحمد السعيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة بيت الحكمة للثقافة، أن المسابقة جاءت انطلاقًا من دور بيت الحكمة كجسر ثقافي بين الدول العربية وفي القلب منها مصر، وبين الصين، وتأكيدًا على دور التبادلات الثقافية بين اللغتين العربية والصينية في تأكيد حق مصر في نهر النيل ودعم موقف مصر أمام الرأي العام في الصين. كما تم تكريم أكثر من ثلاثين متسابقا، منهم ستة فائزين بالمراكز الثلاثة الأولى في مجالي المقال والفيديو مع توزيع جوائز مالية للفائزين بالمركز الأول، بعد أن تم عرض "برومو" لمقاطع الفيديو باللغة الصينية للمتسابقين. تحدث في الندوة الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والذي أشار إلى أنه إذا كان القانون الدولي لا يمنع إثيوبيا من إقامة سد على مجرى نهر النيل لتوليد الطاقة، فإن القانون الدولي كذلك يشترط الإخطار المسبق، بمعنى أنه كان ينبغي على إثيوبيا إخطار مصر والسودان باعتبارهما دول المصب وأكبر دولتين على مجرى نهر النيل بمواصفات المنشأة المزعم إقامتها وسعتها التخزينية وغيرها من المعلومات ذات الصلة لدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لهذه المنشأة وليتم التفاهم بين الدول المتشاطئة على النيل لتعديل التصميمات لتفادي الضرر، وبذلك تكون إثيوبيا قد اخترقت شروط القانون الدولي قبل أن تنتهي من بناء السد. وأشار رسلان إلى أنه وفقا لمعطيات الوضع الحالي ولحين الفيضان القادم في يوليو 2022، يمكن أن تتم التسوية السياسية خلال هذه الفترة، وإذا لم يحدث ذلك فالخيارات الأخرى متاحة أمام القيادة السياسية المصرية، فإذا أمرت القيادة السياسية بالتحرك العسكري، فسيكون ذلك في متناول اليد وإذا رأت أن هناك مبادرة سياسية معقولة سيكون لها الأولوية دون خوض الحروب والصراعات، والموقف معلق عند هذه اللحظة لأن الداخل الإثيوبي يشهد الكثير من الأزمات وهذه السلطة التي تتولى إدارة السد في إثيوبيا قد تذهب إلى الأبد. أما الدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقد أشار إلى أن أزمة سد النهضة قد شهدت مفاوضات لقرابة عشر سنوات قبل التوجه مجلس الأمن، فيما لم تنج الأطراف المباشرة من قبل الجانب الإثيوبي أو الأطراف الدولية والإقليمية بما فيها الاتحاد الإفريقي لتكسير الفجوة بين بين الطراف، وذلك فيما يتعلق بالقضايا الفنية الخاصة بإنشاء السد وعمليات الملء وحتى هذه اللحظة لا يوجد ما يطمئن الطرفين المصري والسوداني بشأن هذه القضية، لكن الذهاب لمجلس الأمن كان في إطار الإدارة السلمية لتسوية النزاعات لحل هذه الأزمة بهدف خلق رأي عام دولي وتعبئة دولية تتحول إلى ضغوط على الجانب الإثيوبي ليعود إلى المفاوضات بشكل أكثر جدية وهو الأمر المقدم على التدخل العسكري من الجانب المصري. ويرى فرحات أن مصر قد حققت مكاسب دولية في حلقة مجلس الأمن تمثلت في التعبئة الدولية لدعم موقف مصر، وخطاب سياسي مصري متماسك وقوي من حيث المضمون والحجج ودفع وجهة النظر بأن هذه القضية تمثل مصدر محتمل لعدم الاستقرار في المنطقة في مقابل الموقف الإثيوبي الضعيف داخل مجلس الأمن، وحالة مجلس الأمن يمكن البناء عليها بصرف النظر عن السيناريوهات والأدوات التي قد ينتهي إليها صانع القرار لوضع نهاية لهذه الأزمة. أما الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة، فقد أكد أن الدولة المصرية قوية ويقظة لاعتبارات كثيرة في حين أنه يجب أن نتحلى بالوعي وأن تكون لدينا قناعة بأننا نواجه خطرا حقيقيا لذا يجب عدم التهويل في تناول القضية والتحري من الدقة في نقل المعلومات ذات الصلة، مع ضرورة الاصطفاف خلف أجهزة الدولة في مثل هذه الأزمة. فيما أكد الدكتور محمد أحمد مرسي أستاذ العلوم السياسية بجامعة مصر الدولية، أن يجب أن يكون تمتلك مصر حضورا إعلاميا على المستوى الإفريقي إقليميا والمستوى العالمي دوليا من أجل المزيد من الوعي وكسب التأييد تجاه موقف مصر من أزمة سد النهضة.